نحو تربية أفضل ( 1 )
لم يسكت الطرح التربوي عن قضية العقاب البدني ، فيثار بين الفينة والفينة بين فكر ـ على استحياء ـ مؤيد لاستمراره ، وآخر معارض ، ويتفيء المؤيدون بأدلة شرعية لا يرقى إليها الشك في معاقبة الوالد لولده ، والزوج لزوجته ، وولي الأمر للخارج عن الجادة ، لكنهم عمموا الأدلة ، وأنزلوا أنفسهم منزلة من خولوا استخدام هذا الأسلوب وانتقلوا بافعالهم إلى آخر ممارسات تلك الأدلة ، وهي العقاب البدني .
وكانت ردود المعارضين تستند إلى أساليب تربوية جربوها في معالجة خروج الطلاب عن الجادة ، وبقي المنشغلون بالقضية يواصلون طروحاتهم ، وكأن العقاب البدني هو المشكلة الكبرى للتربية ، ولا نستبعد أن يكون هذا الطرح من اسباب تشريع التمرد من التعلمين على المعلمين ، والمسوغ لاعتداء بعض الطلاب على بعض المعلمين ، وفي اعتقادي أن المعلم القدوة ، صاحب الشخصية المؤثرة ، المتمكن في مادته ، البشوش صاحب الأسلوب الجذاب ، يفرض على طلابه الاحترام ، ولا يحتاج إلى وسيلة العاجز عن التربية ، وهي العصــــــــــا .
وإذا سلمنا بأن المعلمين ورثة الأنبياء ، فإن الوارث يجب أن يقتفي أثر المورث فيما يتعلق بميراث الأنبياء لأنه ميراث حق ، فلم يرد أن الأنبياء عليهم السلام كانوا يعاقبون أتباعهم بالضرب ، بل كانوا يتألفونهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويعلمونهم ما يصلح دينهم ودنياهم ، ويصبرون على الأذى في سبيل الله ، ويهلكون أنفسهم اجتهاداً للخروج بأتباعهم من ظلمات الجهل إلى نور الهدى ، قال تعالى واصفاً حرص رسوله صلى الله عليه وسلم على هداية قومه مع شدة أذاهم له : " فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا " وللحديث بقية ، وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى ، والحمد لله رب العالمين .